ضوابط زينة المرأة
الإسلام
دين الفطرة واليسر، والإنسان مفطور على حب الزينة والجمال ، وقد شرع الله
لعباده التزين والعناية بالمظهر بل طلب منهم ذلك عند كل مسجد، قال تعالى: (( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ )) (الأعراف : 31) .
وعُني
الإسلام بزينة المرأة مراعاةً لأنوثتها، وتلبيةً لنداء الفطرة فيها، فرخص
لها ما لم يرخص للرجل، فأبيح لها الحرير والتحلي بالذهب دون
الرجال.والزينة من حيث استعمالها تنقسم إلى:
زينة مباحة:
كل زينة أباحها الشرع، وأذن فيها للمرأة، مما فيه جمال للمرأة وعدم ضرر
بالشروط المعتبرة، ويدخل في ذلك: لباس الزينة، والحرير، والحلي والطيب،
ووسائل التجميل الحديثة .
زينة مستحبة:
وهي كل زينة رغب فيها الشارع، وحث عليها ويدخل في هذا القسم سنن الفطرة:
كالسواك، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، والاستحداد، ونحو ذلك .
زينة محرمة: وهي كل ما حرم الشرع وحذر منه مثل: النمص ووصل الشعر، أو كان فيه تشبه بالرجال، أو بالكفار .
ومن الضوابط الخاصة بزينة المرأة : ستر
الزينة والبعد عن التبرج وتجنب إظهارها للرجال الأجانب، ومراعاة القصد
والاعتدال والبعد عن الإسراف، ومراعاة حدود الزينة أمام النساء .
* ضوابط زينة وتجميل الشعر:
1- قص الشعر:
طول
شعر المرأة ووفوره زينة وجمال وبهاء، وهذا أمر معروف منذ القدم، وإذا
احتاجت المرأة إلى قصه مثل أن تعجز عن مؤنته، ويشق عليها كلفته فلها أن
تقصه إذا كان هذا ليس فيه تشبه بالفاسقات والكافرات أو الرجال، ولا يكون
في ذلك تلاعب وإتباع للموضات، وقد ورد أن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن قد
قصصن شعورهن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: ((دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَا وَأَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ فَسَأَلَهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ
الْجَنَابَةِ فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ قَدْرِ الصَّاعِ فَاغْتَسَلَتْ
وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا سِتْرٌ وَأَفْرَغَتْ عَلَى رَأْسِهَا ثَلَاثًا،
قَالَ: وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذْنَ مِنْ
رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ )) [1].
2- حلق شعر الرأس:
الحلق
أخذ الشعر كله وإزلته بالموسى، وحلق المرأة رأسها لا يجوز إلا عند الضرورة
وتقدر الضرورة بقدرها، لأن حلقه من غير ضرورة يعتبر مثله في حق المرأة،
وفيه أيضاً تشبه بالرجال، إذ أن الحلق من خصائصهم، قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (( لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ )) [2].
وعن عائشة رضي الله عنها : ((أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تَحْلِقَ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا))[3]. وقال: والعمل على هذا عند أهل العلم).
3- نمص الشعر من الوجه والحاجبين:
النمص:
النمص لغةً: رقة الشعر ودقته حتى تراه كالزغب، والنمص: نتف الشعر،
والنامصة: هي التي تُزيِّن النساء بالنمص، والمتنمصة: المُزيَّنة بالنمص .
ونتف شعر الوجه والحاجبين لا يجوز.
فعن عَلْقَمَةَ قَالَ: ((لَعَنَ
عَبْدُ اللَّهِ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ
لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ:
مَا هَذَا ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ
رَسُولُ اللَّهِ وَفِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ
قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ قَالَ وَاللَّهِ
لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)) (الحشر : 7) [4].
والنمص
والنتف سواء، ولا يختص النمص بالحاجبين بل يشمل أخذ الشعر من الوجه، قال
ابن الأثير: (النامصة التي تنتف الشعر من وجهها)، لكن إذا نبت للمرأة شعر
في شاربها أو لحيتها أو خدها فلا بأس بإزالته لأنه خلاف المعتاد وهو مشوه
للمرأة . وكذلك إذا طال شعر الحاجب ونزل على العين فيزال ما يؤذي منه، ومن
الأمور المحدثة في النمص أن تزيل المرأة كامل الحاجب وتضع خطاً مكانه، وكل
هذا الأمور سواء الإزالة الكاملة أو التخفيف منهي عنها .
3- وصل الشعر:
وصل المرأة شعرها لا يجوز ففي الحديث: (( لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ ))[5].
ويدخل
في ذلك لبس ما يسمى بالباروكة، إلا لمن بها عيب كأن تكون المرأة قرعاء ليس
على رأسها شعر فلا حرج من استخدام الباروكة لستر العيب .
4- صبغ الشعر:
صبغ الشعر لتغيير الشيب مشروع بل مسنون، إذ ثبتت مشروعيته بالأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم دون
فرق في هذا بين الرجل والمرأة، فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ
كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ((غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ ))[6].
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ )) [ أخرجه البخاري ح ( 3462 ) ، ومسلم ح ( 2103 ) .
تعلية الشعر فوق الرأس: وهو من الأمور المستحدثة التي وردت علينا من نساء الغرب، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم - وهو من معجزات النبوة – عن صنفين لم يرهما من أهل النار، فقال فيما يرويه عنه أبو هريرة:((
صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ
كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ
عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ
الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ
رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا))[7].
.